الدعوة الإسلامية والدولة العلمانية الرمضاء والنار

الدعوة الإسلامية والدولة العلمانية الرمضاء والنار

الدعوة الإسلامية والدولة العلمانية الرمضاء والنار

الكاتب: محمد سلامي

كل محاولة جادة للتغيير الجذري في حياة الناس ينبغي أن لا تتخذ الأنظمة الحاكمة اليوم حليفا وناصرًا وهميا، لأنها تسير على خط معاكس تماما، وما تقوم به مقصود ومخطط له ومبرمج بدقة مع سبق الإصرار، وليس خطأ أو جهلا فيؤخذ بيدها، ومن لم يصدقني فلينظر فيما حوله.

   فالدولة أصبحت أشبه برب البيت السكير عديم المسؤولية تجاه أهل بيته، بل أشبه بالذئب الموكل بالخرفان، والناس ينظرون بريبة لمواقفها تجاه مبادئهم، أقصد بقايا الإسلام، ففي كل الدول طابور خامس متستر، لكن في هذه البلدان الطابور الخامس هو الحاكم.

   لا نطلب من الدولة أن تنصر الإسلام وتنشر مبادئه، ما دامت تقوم على مبادئ أخرى من علمانية وديمقراطية، فهي تنشرها وتدافع عنها باستمامة وقوة، باعتبارها النظام الذي تتبعه، أي الدين الذي يحكمها، ولا تقبل من الإسلام إلا ما يكفل لها الحماية واستمرار كيانها.


والمستغيث بعَمٍر عند كربته   –    كالمستجير من الرمضاء بالنار

   لقد كان علماء السلف الصالح ينكرون على الحكام فسقهم وظلمهم وبدعهم، ويدعون إلى الإصلاح في إطار الإعتراف بالحاكم المسلم، ويقاتلون تحت راياتهم أبرارًا كانوا أو فجارًا، فاستمر علماء هذا الزمان على نفس النهج.

   تلكم هي عقلية دعاة هذا الزمان الذين مَثَلهم ومَثل خصومهم العلمانيين عند الأنظمة الحاكمة كمثل الضرتين الأولى والثانية، هذه تحتج بأقدميتها وتلك بحداثتها، بينما النظام الحاكم يميل إلى الثانية كل الميل.

   الدولة في هذه الحال تتقمص ثوب الضحية، وتدعي أنها تتصرف بحكمة تجاه الضغوط الخارجية، وكل هذا لا يبرر استماتتها في الدفاع عن تلك الضغوط، والتربص بكل من يحاول أن يرفع رأسه ضدها.

   إن الدولة التي تقودها النخب العلمانية فيما يسمى بالعالم الإسلامي لَم تتخلَّ فقط عن الرسالة المنوطة بها والمسؤولة عنها، كما يظن المغفّلون، ولكنها تحارب هذه الرسالة، وهي لا تجعل حرب الإسلام جزءًا من سياساتها فحسب، ولكنها أسست خصيصا لحرب الإسلام، لا الدين الواقع، ولكن محاربة أي محاولة جادة لفهم الإسلام واتباعه، سواء كانت صحيحة أو خاطئة، فهي مرابطة على هذا الثغر ترقب أي حركة لتخمدها قبل أن تستوي قائمة، وتعمل كوريث للإحتلال.

   وما كان للمحتلين السابقين الذين لا زال ميزان القوة في صالحهم أن يرحلوا سلميا عن أكثر البلاد التي احتلوها دون أن يخلفوا من يأتمنونه على مصالحهم، بل يتبع مبادئهم.

   ولو أنهم غُلبوا وهُزموا فعلا -كما يحاول ورثتهم إقناعنا- لأصبحوا مهددين في عقر دارهم نفسها، فعندما تخلى أجدادنا عن الأندلس وتراجعوا عند أسوار فيينا أطلت عليهم أساطيل الأوربيين، وتقاسموا جسد الرجل المريض، لأن الطبيعة لا تقبل الفراغ.

الدعوة الإسلامية والدولة العلمانية الرمضاء والنار

أرسل تعليقا لصاحب المنشور (لا ينشر على الموقع)