حرب على البرقع والبوركيني

حرب على البرقع والبوركيني
حرب على البرقع والبوركيني

محمد سلامي

نشر في: 6ـ9ـ2016

انقسم السياسيون وخلفهم عامة الناس في الغرب إلى قسمين:

1ـ قسم يشن حربا على كل ما يمتّ بصلة إلى الإسلام من قريب أو من بعيد ولو كان رمزا مشوّها تمسك الناس به في ظل هذه الجاهلية (النقاب، الخمار، البوركيني …).

قالوا منعا لاستعباد المرأة، لأن الحرية عندهم عبودية والعبودية حرية، تماما مثلما كانت الطهارة عيبا عند قوم مضوا، فقالوا: (أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ) (النمل: 56)، بل إخراج كل من له ميل إلى آل لوط من قريب أو بعيد، فمنظر من يتعفف ويستر جسده يشعرهم بأنهم عراة حقا من كل فضيلة، وهم في سكرتهم الدائمة لا يقبلون مَن يذكّرهم بذلك.

وكلما وجد العلمانيون فرصة هجموا على ما تبقى من شرع الله، وتدخّلوا حتى في لباس الناس وفرضوا معتقداتهم الإلحادية، فهم يسرقون أولاد الناس لعلمنتهم قسرا، بصورة لم تعهدها البشرية، فلا مجال للحرية هنا، والقوانين التي فرضتها الهيئات العالمية في ما يتعلق بالطفولة، تمنع الآباء حتى في بلادنا من تربية أبنائهم وفق ما يؤمنون به.

2ـ قسم دافعوا عن هذه الشعائر من منطلق حرية المعتقد الشخصي، وكون المرأة حرة في جسدها وفق دينهم.

والعجيب أن كلا الطرفين يستدل بقيم العلمانية، (حرية اللباس) مقابل (عدم التمييز “الديني” في المساحات العامة)، مما يطرح ألف سؤال عن حقيقة هذه المبادىء المطاطة.

أما الطرف المعني بهذه الحرب فيبحث أهله عن طريقة يتسنى لهم بها العيش وفق القيم الأوربية دون التخلي عن قيم الإسلام؟ أي الجمع بين الدينين! بينما لا تزال شريحة كبيرة تؤمن بإمكانية الذوبان الكامل في عقائد الغرب وسلوكه دون التخلي عن اسم المسلمين.

فقد مال عامتهم إلى القسم الثاني لكونهم يجدون عنده شيئا من العطف والحنان المخادع، فهو يدافع عن اختياراتهم من باب الحرية الشخصية.

وهذه العقيدة كفر بدين الله لأن المسلم يؤمن بالحرية الشخصية في إطار شرع الله فقط، كما يؤمن المشركون بالحرية في إطار شرائعهم، فليس بمسلم من يؤمن بحرية ارتداء اللباس أو خلعه واحترام اختيارات الناس في ذلك، فهو لم يتخلّ عن تغيير المنكر فحسب بل لم يؤمن بأنه منكر، فلا ينفعه بعدها لباس شرعي.

إن الحرية في دينهم لا تتسع لديننا، وديننا لا يتسع لها، هذا هو منطق الأديان.

(قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَاشُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ) (الأعراف: 89).

(وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ) (إبراهيم: 14).

هكذا كان رد فعل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام على اضطهاد المشركين، ولم يكونوا يتنازلون عما أمرهم الله به، ولم يكونوا يضحون أيضا بعقيدة التوحيد ويتبنّوا عقائد المشركين التي تحفظ لهم بعض الأخلاق والعبادات، ولم يتحاكموا إلى الطاغوت لحماية ما يؤمنون به، ولم يتوغلوا في هياكل الدولة للدفاع عن أخلاقهم من موقع قوة.

إن الإندماج الذي يُقصد به التحلل مما بقي من أحكام الإسلام والإنصهار في دين الغرب قد وقع في القرن الماضي بكل سهولة، لأن الناس لم تكن تؤمن بما بقي لها من أحكام الإسلام إلا كعادات وتقاليد بالية قد يخجلون منها هنا ما بالك في أوربا؟ ولم يكن المشكل مطروحا.

والآن يُطرح المشكل بقوة، وهي خطوة في الإتجاه الصحيح، فلم يعودوا منبهرين بثقافة الغرب، بعد أن فرقوا بين الحضارة والدعارة، ومفهومهم للإسلام بدأ يتحدى، وكلما ارتفعوا إلى مستوى الإسلام كلما رفعهم هذا الدين.

أقوال مأثورة
أقوال مأثورة
أقوال مأثورة
أقوال مأثورة
أقوال مأثورة
أقوال مأثورة
أقوال مأثورة أقوال مأثورة أقوال مأثورة أقوال مأثورة أقوال مأثورة أقوال مأثورة