آخر تحديث لهذه الصفحة: 30 – 12 – 2020
بقلم: محمد سلامي
لـيـس الـغريبُ غـريبَ الـشامِ والـيمنِ … إنّ الـغريبَ غـريبُ الـدينِ فـي وطـني
لـو كـنتَ يـا زَيـنَ آلِ الـبيتِ في زمَني … لــم تَـبـكِ يـوماً غـريبَ الـلحدِ والـكَفَنِ
ولا ذكــــــرتَ زيــــــاداً أو مــعــاويــةً … ولا شـكـوتَ مـن الـحَجّاجِ ذي الـمِحَنِ
هَـلا سـألتَ أخـي: مَـن سـادَ بعدهُمُ … دهـــراً بـعـرصتنا فــي آخــرِ الـزمـن ؟
قــبـورُ أهــلـك صـارت بـعـدهم نُـصُـبًا … وحــولَهـا قــومُـنـا كـالـحُـمْـرِ والأُتُـــن
مـن شــيعةٍ شـاع في الأرجاءِ كفرُهمُ … وسُـنّـةٍ بـئـسَ ذاك الـدينُ مِـنْ سَـنَن
دعْ مــا ادّعَـتْـهُ الـنـصارى فـي نـبيّهِمُ … وانـظرْ لإخـوانِهم فـي الـشامِ والـيمن
أمـست مساجدُهم موتى يُطاف بِهمْ … وأصــبـح الـذكـرُ لـلأمـواتِ يــا حـزَنـي
ديــنُ الـخـليلِ تـداعَـى غـيـرُ أُضـحـيةٍ … و(الـعـينُ حــقٌّ) وتـرنـيمٍ عـلـى فَـنَـن
ورُقْـــيــةٍ وأمـــــانٍ لا حـــــدودَ لـــهــا … كـــذا تـــلاوةِ يـاسـينٍ عـلـى الـكَـفَن
قـد جـرّدوني مـنَ الأخـلاق يـا أسَفي … وعــلّـمـونـي حـــيــاةَ اللهوِ والــعَـفَـن
وألـبـسـونـي ثــيـابـاً لا شَـبِـيـهَ لــهـا … مـن صُـنعِ مـاسونَ ذاتِ المِغزلِ العفِن
وحـفّـظوني مــن الأوهــامِ مــا كـتـبوا … وأفـرغـونـي مـــن الــقـرآنِ والـسـنـن
إلا بـــقـــيـــةَ آيـــــــــاتٍ أُردّدهــــــــا … وأمـسـحُ الـوجـهَ بـيـن الـذَّقْـنِ والأذُن
بــــلا خــشــوعٍ ولا فــقــهٍ ولا عِــبَــرٍ … ولا مــواعـظَ فـــي مَـنـظومةِ الـوَسَـن
وأخـرجـونـي إلـــى الـدنـيا لأنـصـرَهم … وأنـصرَ الـجِبتَ والـطاغوتَ فـي وطني
وأَوْرَدونـــي حِــيـاضَ الـكـفـرِ مُـتـرَعـةً … يـــا قُـبـحَ مَـنـظرِهِ مــن مَــوْرِدٍ أَسِــن
نَــقّــتْ ضـفـادعُـهـم لــيــلاً بـعـرصـتهِ … واسـتـوطـنـته دَوابُّ الــقـاعِ والـعـفَـن
وقـــد أتَـــوْا بـبَـغِـيٍّ كَـــي تـدرّسَـني … مـن سـورةِ الـنورِ والأحـزابِ تـنصحُني
ثــنَّــوْا عـلـيـهـا بـشـيـخٍ لا يـعـلّـمني … غــيـرَ الـــولاءِ وبــيـعِ الــديـنِ بـالـثمَن
عـــنِ الـعـقـيدةِ ســاهٍ لا حـديـثَ لــهُ … غـيـرُ الـنـفاسِ وحـبِّ الـناسِ والـوطن
يــعـبّـدُ الــقـومَ لـلـطـاغوتِ يـدفـعـهم … نــحـوَ الـجـهـالةِ والإشـــراكِ والـفـتـن
والـفـتنةُ الـشـركُ يـا لَلنّاسِ فـانتبهوا … لا مَـهـلَـكُ الــمـالِ والأرواحِ والـسـكَـن
الــبَــتْـرُ والــتِّـبْـرُ والـتـبـريـرُ مَـنـهَـجُـهُ … وفـقـهُـهُ خُــطَـبٌ فــي راحــةِ الـبـدَن
جـــــزاءُ حــاكــمِـهِ أجـــــرٌ ومــغــفـرةٌ … ولا نُـجازَى عـلى الإحـسانِ بـالحسَن
الـــنـــارُ تــأكــلـنـا دنـــيـــاً وآخــــــرةً … وقــادةُ الـكـفرِ مــن عَــدْنٍ إلـى عـدَن
بــــاع الــديـانـةَ لا ديــــنٌ ولا شـــرفٌ … بــــارت تــجـارتُـهُ بــيــعٌ بــــلا ثــمــن
واسـتـبدلَت أمّـتـي شـرعـاً لـهـا بـدلاً … وحـكّـمَـتهُ عــلـى الأريـــافِ والــمُـدن
وصـــيّــرَتْ شــرعَـهـا ربــاًّ لـتـعـبـدَهُ … وصـــار ديــنـي لـهـا قـصـرًا بــلا لـبِـن
وقـــد أتَـــوْا بـطـبـيبٍ كَـــي يـعـالجَها … فــزادهـا عِـلـمُـه وهْـنـاً عـلـى وهَــن
وقـيـل: يــا قــومُ نَـبـغي راشـداً فَـطِناً … حـــرّاً طـلـيـقاً خـفـيـفاً غــيـرَ مُـرتَـهَن
فــجــاءهـا رجــــلٌ مــنـهـا فــجـرّدهـا … مِـــنْ كــلِّ خـيـرٍ بــلا رفــقٍ ولا هَــوَن
الـحـكمُ لـلـهِ لـيس الـحكمُ مـا وضـعوا … حـاشاكِ شِـرْعتَنا مـا فـيكِ مِـن دَخَـن
فــي ظُـلـمةِ الـكـفرِ لا ديـنٌ هـناك ولا … عِـــرضٌ يُــصـانُ ولا ثـــوبٌ بـــلا دَرَن
أيــن الـجـيادُ الـتـي كـانـت مـصفَّفةً؟ … أيــن الـرجـالُ يـكـادُ الـغـمُّ يـقـتلُني؟
بِــنـتُـمْ وبِــنَّــا وقــــد زادتْ مَـواجِـعُـنا … في الدهرِ أم جَولةُ الإسلامِ لم تَحِنِ؟
(اللهُ أكـــبــرُ) تــعــلُـو كــلَّ مــعـركـةٍ … حــتـى انـتـصرنا فـعـادَ الـنـصرُ لـلـوثن
يــا قــومُ كُـفُّـوا عــنِ الـطغيانِ واتّـبِعوا … ديـناً عـظيماً مـن الـرحمنِ ذي الـمِنَن
فــلا الـجـهادُ يـنـادي مـشـركاً نَـجِساً … إنّ الـجـهـادَ جــهـادُ الــشـركِ لا تَـلِـنِ
فـــي دفـــعِ كــفـرٍ وإلــحـادٍ وعَـلـمَنَةٍ … لـيس الـجهادُ لِـداعي الـقومِ والـوطن
ولا الـــصـــلاةُ صـــــلاةٌ إذْ تُـنـاقـضُـهـا … بـقـوْلَةِ الـسـوءِ فــي الإسـرارِ والـعلَن
إنّ الــصــلاةَ لــهــا شــــرطٌ لـصِـحّـتِها … قـبـلَ الـصـلاةِ فــلا تُـشـركْ ولا تَـخُـنِ
أمـــانــةَ اللهِ فـــاذكُــرْ يــــومَ واثــقَـنـا … عــلـى الـثـبـاتِ كـمـسؤولٍ ومُـؤتـمَن
الـديـنُ قــد تــمَّ والأوثـانُ قـد كُـسِرَت … تــلـك الـمـكـارمُ لا قَـعْـبانِ مــن لَـبَـن
خُـذِ الـعقيدةَ فـي دنـياك يـا ابنَ أخي … لـو لـمْ يـكُنْ غـيرُنا فـي الريفِ والمُدن
ألـم تـرَ الأرضَ قـد ضاقت بما رَحُبَت ؟ … فـيـا لَـصـحبي لِــذي الأرزاءِ والـمِـحَـن
وقـــد تـجـمّـعَ حــولـي مَــن يـؤنّـبُني … والـــكُـلُّ يـسـلُـبُني أمـــري ويُـنـذِرُني
والـناسُ تَـرمُقُني شـزْراً وقـد سـمِعوا … بــأنّـنـي غــــرَضٌ لـلـبُـغـضِ والإحَـــنِ
فـامـنُنْ عـلـيَّ بـصـبرٍ مـنـك يـا أمـلي … كـصبرِ مَـن سَـبَقوا فـي سـالِفِ الزمَن
الـحـمـدُ لــلـهِ مـــا بــدّلـتُ سـيـرَتَـهم … والـشكرُ دَوْمـاً عـلى الإسـلامِ والمِنَن
… …
يـــا صـاحـبـيَّ الـيـوم خـبِّـراني … وخــبِّــرا الــصــدقَ أو اتــركـانـي
ودعـكُـمـا مــن قَولـة الـبُـهتان … إنَّـــكــمــا لـــلـــه تــســجــدان
وأنــتــمــا بــالــديـن كـــافــران … تُـحَـكِّـمان شِــرعةَ الـشّـيطان
وتــهــجـران مُــحـكـم الــقــرآن … أمـسـلـمٌ مــن يـعـبد الإثـنـان؟
أتـؤمـنـا”بـالـنـجـم”و”الـرحـمن” … وتــكـفـرا بـسـورة ”الـنّـسـوان”؟
لا تـخـلـطا الإســلام بـالـكفران … شــتَّـان بـيـن الـكـفر والإيـمـان
فـــلا تـسـيرا سـيـرة الـعـصيان … إنَّـــكـــمـــا بالله مـــشـــركــان
حــتــى تــبـرّآ مـــن الـطّـغـيان … ومـــن يـوالـيـه مـــن الـعُـبـدان
وتــهــجــرا عـــبــادة الأوثـــــان … وتَــبْـرَآ مــن شِـرعـةِ الإنـسـان
وتــكـفـرا بـمـشـركـي الــزمـان … فـتـلـكـمـا حـقـيـقـة الإيــمــان
لا يــتـمـارى فــيــه مـسـلـمان … عُـــودَا إلــى الله بــذا الـبـرهان
واسـتـغـفرا الإلـــه ذا الـغـفـران … فــــــإن ربَّـــنـــا ســمــيـعٌ دان
إني أرى ما ليس في الحسبان … فــتــاركٌ لـلـجِـبـتِ والـطّـغـيـان
يــقــول لـلـكـفار: يـــا إخــوانـي … أيـسـتقيم ذاك فــي الأذهـان؟
فـمـثـلـه كــعـابـدي الـصُّـلـبـان … مَـــن يــذكـرِ اللهَ مــع الـكـفران
وقــولـه دعـــوى بـــلا بــرهـان … أعـــــوذ بالله مــــن الــخُــذلان
فـديـنـنـا لــيــس لــــه قـــولان … ديـنٌ يـَجِلّ عـن هـوى الإنسان
يــزحـزح الــمـرء عـــن الـنِّـيران … ومــلــجــأٌ لــلـتَّـائـه الــحــيـران
وديـنـنـا مـــن سـالـف الأزمــان … جـــرت عـلـيه سـنّـة الـرحـمن
فـــعــادت الأمـــــة لــلـكـفـران … إلا بــقــيــةً مــــــن الإخـــــوان
مـن غـيركم فـي سـائر البلدان … مـــا ضـرّهـم تـظـافر الـقـطعان
عـلى الـخلاف أو على الخذلان
… …
الـكـفـر مـنـتـصرٌ والـديـن مـنـهزمُ …والــشـرُّ مـنـتصبٌ والــرّبّ يـنـتقمُ
والـناس فـي فـتنةٍ طخياءَ مظلمةٍ … والـكلُّ فـي لُجَجِ الإشراكِ مُقتحمُ
فسائلِ العابدين في مساجدهم: … مَـن ربّـهم ومَـنِ المعبود والحَكَمُ؟
ولا تـغـرّنّك الأعـنـاق إن سـجـدت … فـإن مـسجدهم بـالجِبْتِ يـزدحم
الـقـبر قـبـلتهم والـشـرك مـلّتهم … دعـاؤهـم: يـا ولــيَّ اللهِ يــا صـنـمُ
واصـحَبْ حـجيجَ الـبلاد إن رأيتهمُ … وقِـف عـليهم إذا معبودَهم رجموا
تـجـدْ بـمـكةَ كـلّ مـشرك نَـجِسٍ … يـسـتنجد اللهَ مـن طـوافه الـحرَم
يـا أهـل مـكةَ مـا لي أشتكي وثناً … اِحْـرنْجمتْ حوله العُربان والعجم؟
وإن نــزلـت بـطـيـبةٍ تـجـد عـجـباً … هـناك فـالقبرُ مـثل الركن يُسْتَلَمُ
فـتـلك مـلّـتُهم لــو أنـهـم فَـقـهوا … وكـان أحـبارهم أَوْلَـى بـما عـلموا
لا طِبتُ نفساً ولا سعَت بها قدمي … إذا تـخـفّيت أو أخـفيت مـا كـتموا
… …
هــلْ عَرَّسَ الرُّكْبَانُ إِذْ أَزِفَ السحَر … بــين الغضَا الخضراء أو حَيَّيْ عُمَرْ
نــاديتُ صــحبي والــمطايا قَدْ وَنَتْ: … فــي دُجْــنَةٍ وسَنَا الكواكبِ قد غبَرْ
لــو تــنزلون بــحيِّهم، قــالوا: إلــى … عــلياءِ بُــرْقَةِ راشِــدٍ ذات الــحَجَرْ
أحــبِبْ إلــيَّ بــها بــلادًا لــي وقو … مــي لــو ســمعت الله بــينهُمُ ذُكــر
الــعــابــدين لــكــل عــبــدٍ بَــائِــرٍ … جــهــلا ويــدعى مــيْتُهم إمَّــا قُــبِرْ
يــا قومُ عُوجُوا فانظروا هل للصَّفَا … نــفعٌ لــكم يُــرجَى بــه رَبُّ البشر؟
أو هــل شــرائعُ جــاهل خــيرٌ لكم … مــن شرعة الرحمن مُحكَمةِ السوَرْ؟
يــدعوا بــنو قــومي عــليّ قبورَهم … فــمتى تــجيب جــنادلٌ قــولَ النَّفر؟
أفــغرَّكم مــنِّي بــني قــومي الــعَدَا … ءُ وأنّــني لــلكفر أوَّلَ مــن نَــصَر؟
ولــــقــد أكـــاد أمــلّــكم لــكــنَّني … أخــشى عــليكم يا بني قومي السُّعُرْ
أســعيدُ لــو أشركتُ كنت نصرتكم … لــكن صــاحبكم بــدينك قــد كــفر
لــو كــنت تــعلم فيما تَجْهَدُ لم يكن … لــك فــي قــتال القوم وِرْدٌ أو صَدَرْ
ولــقد نصرتك والرصاص سحائبٌ … فوقي رصاصٌ مثل شُؤْبُوبِ المطر
أيَّـــامَ إذ ديــنــي وديــنــُك واحــدٌ … نــبغي الــنجاة ولا نــجاة ولا وَزَر
كــالــمبتغي فــيْــئاً بـــأرضٍ بَــلْقَعٍ … ويرى السراب الخِبَّ كالماء الخصِر
أيّـــامَ إذ لا ديــن لــي أدعــو بــه … إلا بــقــايــا مــلّــةٍ بـــل لا أثـــر
أعــلــمتُكم أن لــيس يــعذرُ جــاهل … بــل ما علمت الشركَ في ديني غُفِر
ســفــهًا يــقول، أقول: قــال الله قــا … ل رســوله، فــيجيبني: قــال الحَبَر
فــعــلامَ يــنــسى عــابدَ الــعلما إذا … لاحٍ لــحَى فــي الدهر عُبّاد الحجر؟
لا تــحــسبنّ الــسّجن غــيّرني ولا … شَــحْطَ النَّوَى والبَيْنَ بل هاك الخبر
لــما رأيــتُ الــناس ضُــيِّعَ ديــنهم … وغَــدَوْا عــبيدًا لــلمشايخ والــزُّبُر
والَــيـْـتُ أقــوامــا ودِنــتُ بــدينهم … ولــقد نــشدت الــحقّ إن الــحق مُرّْ
وبــرئتُ مــن ديــنٍ وقومٍ أصبحوا … أَجْــدَاثُــهمْ تــدعى لــديهم والــشجر
وعــلــمــت أن الله كــــفّــر أمّـــة … مـــن لـــم يُــكَفِّرهم بــدينهمُ كَــفَر
فــبرئت مــن قــومي العصاة براءةً … لا خــــلَّــةً فــيــها ولا فــيــها زَوَرْ
… …
تــنــادَوا بـــالأذان أذانِ فَــنْدِ… وقــاموا للصلاة فقمتُ وَحْدِي
ودانُـــوا لــلــعبيد فــقلت: إنّي … لأخــزى الخلق إن أركع لعبد
فــلست بــعابدٍ ما عشت يوما … طــغاة الــقوم من عربٍ وهند
ولــست بــتارك ما دمت حيا … طواغيت الورى يرجون وُدّي
ولــلدين الــقويم دعوت قومي … فــراح شــقيّهم يُغري بكيدي
فــقلت لــهم: كفرت بكم جميعا … كــما كــفر الأُلى قبلي وبعدي
أنــا مــنهم وهــم منّي وديني … يــخالط مهجتي ودمي وجلدي
أنــا مــنهم ولــست بخارجيٍّ … حــنيفٌ مــسلم ديــني وعقدي
وقــاني الله شركاً مستبيناً … بــرحمته فــللرحمن حــمدي
… …
رَأيــتُ الــدين ســرًّا في البلادِ … غــريــبًا أهــلُــه بــين الــعبادِ
ويــكفر ســائر الأقــوام جهرًا … ويُــنشَرُ كــفرُهم فــي كــل ناد
وأمّــا أن تــرى فــيهم حَــنِيفًا … فــذلــك دونــه خَــرْطُ الــقَتادِ
فــحدّثْ عــن ديــارٍ ليس فيها … مــن الــتوحيد إلا رَجْــزَ حَــادِ
وحـدّث عن قبورٍ حين تُدعى … وحـدِّث عن طواغيت البوادي
ولا تـنسَ الـشرائع يوم نادى … مــشـرّعها فــقال لــهم: عبادي
فـــــقـالوا: ربّنا دُمنا عبيداً … وأنـــت إلــــهُـنا ربّ الـــــبـلاد
منحنَاك المقاليدَ العوالي … فــحكمك ظــاهرٌ فــوق العباد
أبــا جــهلٍ تــركتَ لــهم تِلادًا … فـــدانَ الــقومُ بــعدك بــالتلاد
ومـــن لــم يــجعلوا لــله نــدًّا … يــؤاخون الــجَهول من السواد
وظنوا الجهل بالتوحيد عذراً … وبــاعوا الدين ظلما في المزاد
وقــالوا: جهلُهم غــشّى عــليهم … وشــتَّان الــجهول وذو الــعناد
وقـــال الله أن الــجــهل كــفرٌ … أكــفــرُ الــجاهلية غــيرُ بــاد؟
وظــنّوا الــدين لــفظًا لا اعتقاداً … ألا ســحقاً لــهم يــوم الــتنادي
ألا فــلــيسمعوا قولا سديداً … ألا ولــيــســتجيبوا لــلــمنادي
بـــأنّ الــدينَ ديــنَ اللهِ فــعلٌ … عــلى قــولٍ وصدقٌ في الفؤاد
فــما يــُجدي الــمقال بلا فِعالٍ … ولا تــغني الــفعال بــلا اعتقاد
ومــا نَــفْعُ الــشهادة إن كفرتم؟ … ومــا وزن الــصلاة أو الجهاد؟
فــصلّوا وافــعلوا خــيرا أَثِــيثاً … وهــل تُــبنى البيوت بلا عماد؟
صــلاةٌ مــنكمُ ظُــلماتُ بــحرٍ … وخــيرٌ كــالسَّرَابِ أو الــرماد
بــرئتُ مــن الفراعنة الطواغي … ومــن عــبّادهم يــوم الــرشاد
إلــى قــومٍ لــهم عــلم وفضلٌ … وديــنٍ قــد مَــنَحْتُ لــه قِيادي
فــهم أهلي وقومي دون قومي … وفــي ديــني أُوالــي أو أعادي
وأزجــيتُ الــقريض لهم خَفِيًّا … فــباح بــما يـُـكنّ لــهم فؤادي
سأشري إن حييتُ لهم حياتي … وأترك إن هلكت لهم تِلادي
ذكرتُ بذكرهم صحباً كراماً … غــداةَ تــشرّدوا فــي كــل واد
بكيتَ على الهداة وقد تَوارَوْا … وهل هــذا البكاء من السّداد؟
وساءك أن ترى قوما عُكوفاً … عــلى شــرع العبيد أو الجَماد
وما خذل الحقوق إذا تداعت … وفاق الـهالكين كـذي الحِداد
ومــا نصر الإلهَ سوى جريءٍ … شــديــدٍ بــطشُه يــومَ الــجِلاد
ومن يدعو إلى الإسلام حقًّا … صــباحَ مساءَ: حيّ على الرشاد
فــــقــم واصدَع بأمرِ الله جهرًا … وخــــلِّـل فــيــهمُ ســرًّا ونــاد
… …
وقــوفُــكما عــند الــرُّبوع وفــاءُ … أجَــلْ والــبكاء لــلغريب عَــزَاءُ
خــلــيلَيَّ عُــوجَا بــالديارِ لَــعلّها … تــنــبّئْكما مــتى جــفاها الــرخاء
وكـان بـها أهـلي قـريبًا مَـــزارُهم … وفــي عَـــرَصَاتها ضُــحَيًّا أَيَــاءُ
ألـم تـعلما إذ حِـيلَ بيني وبينهم … غداةَ الرحيل أحسنوا أو أساؤوا؟
أنــغَّصَ بَــيْنِي يــوم بِنْتُ حياتَهم … وضــاق بهم لمّا أُسِرْت الفضاء؟
أمِ الــدار بــعدي لا بــكاءَ برَبعِها … ولــم يَــعْرُ أهلَها خِلاَفِي الشقاء؟
لقد طال تَعدادي الشهورَ ولم أزَل … أســيرًا فــهل بــعد الفراق لِقاء؟
ســئمتُ جــوامع السجون وأهلَها … ومـــا زال لــي بـــقَعرهنّ بــقاء
حــياة الــسجون-فانْأَ عــنها-مذلةٌ … وخـــزيٌ ونــقــمة بــها وعــناء
ويــرضى الــلئيم ذلَّـها وهَوانها … ويــحــيى أذلّـــةً بــها الــكرماء
فــفيها لــمن يــأمن عــدوَّ زمانه … ويــنسى عــواقب الأمــور الثَّواء
وهــنَّ لــمن يجهل مواطِئ رِجله … ويــتبعْ نــعيقَ الــنّاعقين جــزاء
فــيُورَدُها بــعد الــعذاب مــكبَّلا … ويُــصدَرُ عــنها المرء وهو غثاء
نسيتُ بها صحبي وأهل مودّتي … وضاع بها عمري وَأَوْدَى الهناء
وأمسيت كالسّيف الذي صار مَتْنُهُ … كَـهَامًا وكـان فـيه يوما مَضَاءُ
وأخــرى وقوفي بين قومي منادياً … لــمــلّةِ إبــراهيم قــومًا أســاؤوا
فــقلت لــهم: يا قــومُ إنّــي لدينكم … لَــقالٍ ومــنكم مــا حــييت بَــرَاءُ
أرى ديــنَــكم إلـــى زوال مــآلُه … ولــيس بــديني لــو عَــلِمْتُمْ خفاء
فــديني وربِّ الناس نورٌ يُرى به … ولــيــس لــدينكم لــعمري بَــهاء
فــأنكرَني قــومي غــداةَ دعوتُهم … وأســلمَني صــحبي وحــلَّ البلاء
فدارَيتُهم لما خـشيت جموعَهم … وكم ذا يــداري الظالمَ الضعفاءُ
فــما فــيهمُ حِــلمٌ يــسُرّ ورحــمة … وشــتَّان أهــلُ السّجن والرّحماء
جــزى رَبُّــها عنِّي السجونَ تحيّةً … فــكم بــصّرَتني يوم عزّ الضياء
فــإنّي وإن جــارت عليّ حُجولُها … لَــمُثْنٍ عــليها مــا تَــوالَى الثناء