السؤال: رأى الخوارج أن طائفة معاوية قد حكم الله فيها، فلا يصح أن نحكّم فيها الرجال، واستدلوا على الصحابة بقوله تعالى: (إِنِ الْحُكْمُ إِلاّ لِلَّهِ)، فأين الخطأ في فهمهم؟ قال الله تعالى: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الحجرات: 9). فحكم الله ليس قتال البغاة فقط وإنما محاولة الإصلاح أوّلا، وقد آل بهم القتال إلى أن فاؤوا إلى أمر الله، عند ذلك اتخذوا حكَمين بينهما. والإصلاح ليس له أحكام في دين الله، وإنما هو مفوض لاجتهاد المصلحين كالإصلاح بين الزوجين، (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا) (النساء: 35). (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ) (المائدة: 95). ولم يفهم الخوارج هذا لقلة فقههم، بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رضي بتحكيم سعد بن معاذ لما طالب به بنو قريظة بعد أن حاصرهم لنقضهم العهد. فعن بريدة بن الحصين قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ، أَوْ سَرِيَّةٍ، أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللهِ، وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا، ثُمَّ قَالَ: (... وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوكَ أَنْ تُنْزِلَهُمْ عَلَى حُكْمِ اللهِ فَلا تُنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِ اللهِ، وَلَكِنْ أَنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِكَ، فَإِنَّكَ لا تَدْرِي أَتُصِيبُ حُكْمَ اللهِ فِيهِمْ أَمْ لا) (رواه مسلم).
