الرئيسة مؤلفات وردود مقالات شـعـر مواقع اتصل بنا
هَذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ             َهذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُواْ أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ
 الصفحة الرئيسة
  مؤلفات وردود
      أجوبة متفرقة



أجوبة متفرقة

محمد سلامي - تاريخ الإضافة: 2013.05.15 Share

السؤال:
لماذا فرّقتنا المسائل المتعلقة بأصل الدين؟



    ليست مسائل الدين هي التي فرقتنا وإنما نحن تفرقنا عنها، ولم نتفرق بسبب اهتمامنا بها وبحثنا عنها، لأننا لم نكن مجتمعين على أصل الدين حتى نتفرق، ولكن كنا مجتمعين تحت اسم (المسلمون) فقط ونحن متفرقون في الدين لكثرة الأهواء والمعتقدات.
ولا يستغفلنا المشركون الذين يصوّرون لنا الوضع بأننا كنا بخير وتفرقنا بسبب اهتمامنا بالعقيدة، ففي الواقع لم نجتمع يوما على أصل الدين على حقيقته حتى نتفرق فيه وإن كنا نتوهم ذلك، وإنما كانت هناك مجملات نقرّ بها جميعا، وفي الواقع والتفاصيل يقع الخلاف.
    يقرّ الجميع بشهادة أن لا إله إلا الله إجمالا والشرك منتشر بينهم، ويقر كثير من الناس إجمالا بأن الحكم لله لكن بعضهم يخالف ذلك في بعض التفاصيل، ويقر الكثير منهم إجمالا بأن جاهل التوحيد مشرك لكنهم يخالفونه في الواقع، ويقر الكثير منهم إجمالا بتكفير الكافر لكنهم يحملون عقائد لا تخطر على البال، كالتوقف فيمن لم يظهر دينه، والإعتقاد بإسلام من صلى ولم يظهر الكفر.
    وحالنا ليس كحال المسلمين في القرون الأولى الذين تلقوا الدين من مَعين صافٍ، ثم أخذ يتطرق إليهم الغبش شيئا فشيئا، ولكننا كنا في جاهلية وشر، فنحن الآن نقترب من الفهم السليم للإسلام أكثر من أي وقت مضى.
    يحاولون تشبيهنا بالخوارج وغيرهم في انقسامهم وتفتّتهم وتكفيرهم لبعضهم البعض بلا موجب للكفر، وقد يبدو للسذج أن الأمر في ظاهره كذلك، لكن المشكلة أعمق من ذلك، فأهل الأهواء قديما كانوا يتنصلون من عقيدة سليمة، فضلّوا بعد الإسلام الصحيح الذي كانوا عليه وفارقوا أمتهم، بينما نحن اليوم نبحث عن العقيدة السليمة بعد الشرك، ولو عدنا لدين قومنا لعدنا لدين العلمانية والأضرحة، وهذا الذي يراد لنا.
    فيقولون: تتحدثون عن التوحيد إذن لا بد من التكفير والإنقسام، وبالتالي فالبديل هو العودة إلى ما عليه سائر الأمة.
    نقول: البديل وفق هذا المنطق هو اعتناق الديانة الماسونية التي تؤمن بأخوة الأديان المتناقضة من باب الضحك على هذه الأديان، واعتناق العقيدة النسبية التي تقول أن الحقيقة يمكن أن تتعدد وتتناقض أيضا فقد يكون كل أهل الأديان على حق.
    إن كان مآل التوحيد هو تكفير بعضنا البعض لا محالة كما يريدون تصوير المسألة، فإنه من الواجب تركه مطلقا فلا نكفّر اليهود والنصارى لأن منا من يخالف في هؤلاء.
    ولا ارتباط بين اعتقاد قوم بأن ما هم فيه فقط هو الإسلام وتفرقهم، فخلافاتهم فيما بينهم تقع بسبب عدم تحديدهم لحدود دينهم بالزيادة فيه أو بالنقصان، لا بسبب تكفيرهم لمخالفيهم.
    وليست المشكلة في قول اليهود: ليست النصارى على شيء، ولا في قول النصارى: ليست اليهود على شيء، إذ ليس من واجبهم الوحدة والأخوة وهم مختلفون في الدين، ولكن المشكلة في أنهم تركوا جميعا الحق الذي كانوا عليه واختلفوا في إطار الباطل الذي هم فيه، وهذه الأمة التي تتسمى بالمسلمة يكفّر بعضها بعضا انطلاقا مما وجدت كل طائفة نفسها فيه، لكن إذا أراد أحدٌ العودة إلى الدين الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم أنكروا عليه تكفيرهم.
    ومهمتنا الآن أن نفنّد الشبهات التي رانت على قلوب الناس، ونشجعهم على تجاوز هذا الواقع المنحرف وتحدّي عقباته، ونبدأ بأنفسنا أوّلا، فنأطرها على الحق أطرا، لا نتعصب لأهوائنا وما ألفته نفوسنا ولا لشخص فلان أو فلان، ولا نستنكف عن الرجوع عن الخطأ، فليس فينا من يوحى إليه، ولا فينا من تلقّى الدين عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما نحن نبحث عن الدين، ونتقدم نحوه شيئا فشيئا بعد أن ذبلت معانيه واندرست معالمه، ومازال أمامنا وقت لضبط عقيدتنا نتيجة ما كنا فيه.
    والله الموفق

أعلى الصفحة